قصة صاحب السر
في قديم الزمان، كان هناك رجل فقير يدعى "مالك بن دينار". كان مالك رجلاً مؤمناً تقياً، وكان يحب الله ورسوله.
ذات يوم، كان مالك بن دينار يسير في السوق، عندما رأى رجلاً أسوداً، أفطس، أبجر، عليه خرقتان، ستر عورته بواحدة وجعل الأخرى على عاتقه. كان الرجل يمشي بصعوبة، وكان يبدو عليه الفقر والتعب.
توقف مالك بن دينار لينظر إلى الرجل، فشعر بالأسف عليه. دعاه الرجل إلى الصلاة معه، فوافق مالك بن دينار.
صلى الرجل ركعتين سريعتين، ثم التفت يميناً وشمالاً ليرى أحداً، فلم يرني، فرفع يديه إلى القبلة وقال:
"إلهي وسيدي ومولاي، حبست القطر عن بلادك لتؤدب عبادك، فأسألك يا حليماً ذا أناة، يا من لا يعرف خلقه منه إلا الجود، أن تسقيهم الساعة الساعة الساعة."
فما أن وضع يديه إلا وقد أظلمت السماء وجاءت السحب من كل مكان فأمطرت كأفواه القِرَب.
عجب مالك بن دينار من هذا الرجل، فتبعه حتى دخل داراً، فوجدها مسكونة بحيوانات وضفادع. فسأل الرجل:
"ما هذا المكان؟"
فقال الرجل:
"هذا بيتي، وهذه الحيوانات إخواني."
فسأله مالك بن دينار:
"ما قصتك؟"
فقال الرجل:
"أنا رجل مؤمن، لكني أحب الزهد والعبادة، فتركت الدنيا وأهلها، وأقمت في هذا المكان وحدي، أعبد الله وأتعبد له."
فعجب مالك بن دينار من هذا الرجل، وسأله:
"ما هذا السر الذي جعلك تدعو الله فيستجيب لك؟"
فقال الرجل:
"إن الله تعالى لا يثمن الشيء إلا من يعرف قيمته، فلا تترك أحداً يثمنك."
ثم قال:
"وأما سر دعائي، فهو أنني أعلم أن الله تعالى أكرم من أن يرد دعاء عبده، فكنت أدعو الله وأنا موقن بالإجابة."
فأعجب مالك بن دينار بهذا الرجل، واشترى منه الدار، وصار يتردد عليه ويتعلم منه.
الحكمة من القصة:
الإيمان بالله تعالى وتقدير الذات هما أساس استجابة الدعاء.
التفسير:
الرجل الفقير هو رمز للمؤمن الذي يعرف قيمة نفسه، ولا يسمح لأحد أن يبخس قيمته.
الرجل الأسود هو رمز للإيمان الحقيقي، الذي لا يتوقف عند الشكل الخارجي.
السر هو رمز للقناعة والإيمان والإخلاص.
الدعاء هو رمز لقوة الإيمان.
الاستجابة هي رمز لكرم الله تعالى ورحمته.
الخاتمة:
القصة تدعو إلى تقدير الذات والإيمان بالله تعالى، وأن الله تعالى لا يرد دعاء عبده المخلص الذي يعرف قيمة نفسه وقيمة إيمانه.